صدور كتاب للباحث الاستاذ السعيد ريان بعنوان : قطب التصوف بالمغرب المولى عبد السلام بن مشيش الحقيقة المكتومة .. و التاريخ المجهول



في اطار الاهتمام المتزايد بالتراث العلمي و الروحي و الاجتماعي لمنطقة شمال المغرب ، صدر عن مطبعة الخليج بتطوان للباحث الأستاذ السعيد ريان كتاب هو باكورة أعماله نقلها تحت عنوان ' قطب التصوف بالمغرب المولى عبد السلام بن مشيش، الحقيقة المكتومة  .. و التاريخ المجهول . و هو عبارة  عن دراسة اكاديمية تقع في أزيد من 300 صفحة ، ينتقل بنا  الباحث من خلالها  إلى مقاربة عصر المولى عبد السلام بن مشيش و اهم السمات التربوية و المعرفية التي ميزت منهجه في السلوك والمعرفة الصوفية  .
يشتمل الكتاب على خمسة فصول حاول المؤلف ان يؤسسها على ما توفر من مصادر و وثائق تاريخية اتسمت بقلتها و شح معلوماتها  الشيء الذي جعل عملية البحث مكتنفة بكثير من الصعوبات ، زاد من شدتها طبيعة الرجل الذي اثار العيش بالبادية و ميله في غالب احواله الى حياة الخمول و البعد عن اعين الناس ، اضافة الى موقف الاهمال ازاء تدوين تاريخ البادية و الظروف السياسية المضطربة في زمن الموحدين .

و مع ذلك ، فقد حاول الكتاب بفصوله المختلفة النبش على ما امكن من اسرار ظلت دفينة من تاريخ المولى عبد السلام بن مشيش و فلسفته و فكره و منهجه في التصوف . حيث عمل الفصل الأول من الكتاب على  القاء الأضواء لكشف الكثير من الجوانب المعتمة من شخصيته  خصوصا ما تعلق منها بمرحلة  طلبه العلمي و جولته بين القبائل من أجل مواصلة دراسة القرآن كما كانت العادة العلمية بالبادية المغربية قديما، ثم رحلته العلمية الى الاسقاع التي ظلت ممتزجة بسياحته الروحية  من أجل اغناء رصيده العلمي و تعميق تجربته الروحية .

أما الفصل الثاني فقد ناقش فرضية انتماء ابن مشيش لتيار التصوف الاجتماعي الذي عرف انتشارا واسعا خلال القرنين الثاني عشر و الثالث عشر الميلادين ، و ما تميز به هذا التيار من توجهات اعتبارا للأهداف التي ظل يراهن عليها عل مستوى  خدمة المجتمع ، و المساهمة في  تحمل هموم الفئات المهمشة منه ، اضافة الى دينامية مشروعه في محاربة الفساد مستعملا ما كان يتمتع به اهل الصلاح من سلطة روحية . بينما تناول الفصل الثالث منهج المولى عبد السلام بن مشيش في التربية وإصلاح النفس . مركزا على نموذج الاعتدال في المنحى الذي اتخذه تصوف ابن مشيش , مما يؤكد قطيعته مع كافة التيارات الصوفية و العقلانية المتطرفة التي عرفها عصره .

أما الفصل الرابع فقد عرض فيه الباحث آراء ابن مشيش في السلوك والمعرفة الإلهية من خلال تحليله للسياق الفكري لنسق صوفيته و مقاربة مضمون الحب الإلهي في نظره ؛ ويخلص بنا الباحث في هذا الفصل إلى أن صوفية ابن مشيش تنتظم ضمن سياق فكري حددت معالمه طبيعة الثقافة الروحية للمجتمع المغربي من جهة ، ومن جهة ثانية الظروف السياسية والاجتماعية خلال الحقبة الموحدية بالمغرب. فضلا عن عناصر الثقافة الروحية الفاعلة في هذا السياق ممثلة في الاتجاهات الكبرى للتصوف زمن ابن مشيش.
و في الاخير ختم الأستاذ الباحث السعيد ريان كتابه  بالفصل الخامس جاعلا منه حديثا مسهبا عن مناقب و كرامات المولى عبد السلام بن مشيش المسكوت عنها  باعتبار ذلك مبحثا يحمل الكثير من الرمزية الدينية حينما يتعلق الامر بالبحث في عالم الولاية و الصلاح ، ليكون ذلك هو مسك الختام في رصد تاريخ احد الرواد الاوائل للحياة الروحية البارزين بمنطقة الغرب الاسلامي ، و الذي سيشيع بتجربته الصوفية الفذة على مساحة واسعة من العالم الاسلامي قاطبة .


الاستاذ السعيد ريان
من علماء خريجي دار الحديث الحسنية

استاذ سابق بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل

رئيس المكتب المحلي بتطوان للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا