بلدة الشرافات بإقليم شفشاون .. و سؤال التنمية و التنمية البشرية ؟؟ !!






مع كل زيارة ملكية ميمونة الى أقاليم و عمالات جهة طنجة-تطوان و التي أضيف إليها حسب التقسيم الجهوي الجديد إقليم الحسيمة ، تزداد الآمال و تنتعش بمنطقة الشرافات بإقليم شفشاون ، و تتحرك انتظارات الساكنة خصوصا من جيل الاستقلال و ما بعده من الذين أصبحوا شيوخا و كهولا و شبابا من أجل الدخول الى عصر التنمية البشرية الذي يبدو أن المنطقة ما يزال بينها و بينه مسافة بعيدة . و هو الورش الملكي الكبير و النقلة التاريخية الاستراتيجية التي تم تدشينها في أفق تحقيق العدالة الاجتماعية و تقوية روح الثقة وكرامة الانسان المغربي و الحد من مظاهر الاقصاء و الهشاشة على ما أراده صاحب الجلالة نصره الله حينما أعطى امره السامي بانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 ، أي منذ ما يزيد على عشر سنوات .
ذلك أن المؤشرات المتعلقة بالتنمية البشرية و التهيئة المجالية بمنطقة الشرافات تعرف جمودا تاما بالموازاة مع رصيدها التاريخي و الدور العلمي و الروحي و كذا النضالي و الوطني الذي اضطلعت به ، هذا فضلا عن الموقع الجغرافي الهام على الطريق الوطنية رقم 02 الرابطة بين شرق الجهة و غربها ، و اعتبارا لمواردها المائية و مجمل المقدرات الطبيعية التي تزخر بها . مما يبوئ هذه المنطقة سيرا على نهجها في الماضي كي تستمر فضاء لنشر الثقافة الأصيلة و صيانة المقدسات و رعايتها ، و تقوية النسيج المحلي على مستوى الانتاج الفلاحي الذي تراجع عما كان عليه خصوصا فيما يتعلق بإنتاج الزيتون و زيت الزيتون المصنف ثروة وطنية و رافعة للتنمية و مختلف أصناف الفواكه الشهيرة بإقليم شفشاون مثل التين و العنب و التين الشوكي و الفواكه اليابسة .. بما في ذلك تربية النحل و انتاج العسل و تربية الدواجن و المواشي خصوصا المعز منها و فتح المجال امام وحدات انتاج الحليب و مشتقاته ،
 و هذا الوضع الإنتاجي بأصنافه المشار اليها هو في حاجة الى دعم برامج التنمية البشرية بالإقليم و البرامج القطاعية لمخطط المغرب الاخضر و باقي الاجهزة الحكومية المتدخلة في مجال التنمية بدلا من تكريس الوضع الإنتاجي الحالي المتمركز على زراعة القنب الهندي في نقط داخل الفضاء الأخضر للمنطقة مما أدى بها الى حالة من التحول الاجتماعي السلبي و التراجع الخطير على مستوى انعاش المنتوجات المحلية الحيوية ، و أوجد انتاجا محليا بديلا يتعارض تماما مع ما اشتهرت به المنطقة تاريخيا في مجال الفلاحة و المزروعات ، حيث كانت و الى عهد قريب تعد إحدى المراكز الانتاجية الهامة التي تراهن عليها السوق الفلاحية المحلية بل و حتى الوطنية .
و يبدو ان تنمية المنطقة اقتصاديا من خلال تعزيز تدخل القطاع التعاوني و آليات الاقتصاد الاجتماعي ، مسألة حيوية تعد من جملة انتظارات الساكنة ، و أولوية أولى من شأن ذلك أن يساهم و لا شك في ايجاد البديل المعيشي للساكنة و محاربة الهشاشة و الفقر بأوساط الفئات المعدمة . كما ينتظر منه أن يساهم بدينامية في تنظيم الانتاج غير المهيكل بما فيه محاربة الانتاج المحظور ، علاوة على تنظيم صغار المنتجين في تعاونيات للرفع من دخلهم و ادماجهم في النسيج الاقتصادي لخوض غمار المنافسة ، و التخفيض من نسبة البطالة بإدماج النساء و الشباب في الحياة العملية من خلال تنظيمهم داخل تعاونيات توفر لهم منصب شغل قار في اطار التشغيل الذاتي .
كما أن من أولويات التنمية بمنطقات الشرافات اعتبارا لخصوصياتها المحلية و تثمينا لدورها التاريخي بفضل احتضانها لأقدم مؤسسة روحية بشمال المغرب ، التدخل من اجل الرفع من مستواها العمراني  و ايجاد البنيات التحتية و تأهيل مجالها الاسكاني الذي يجعل منها فضاء عمرانيا مؤهلا لجلب الاستثمارات السياحية ، و يمنع من الهجرة الداخلية نحو المدن .
ان انتظارات السكان بمنطقة الشرافات كمنطقة تاريخية تعاني من الهشاشة و الضعف بل و انعدام البنيات التحتية و غياب المخططات في مجال التعمير و التأهيل الاجتماعي و الاقتصادي لا تخرج عن الآفاق التنموية الواعدة التي فتحتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بفضل الارادة الملكية السامية ، و لا عن مجالات التدخل التي رسمتها لفائدة الانسان المغربي ، هذا الانسان سواء كان بمنطقة الشرافات أو غيرها من ربوع الوطن العزيز يستحق كل عناية و تكريم ، إذ هو رأس المال الأساسي الذي يجب الاستثمار فيه ، بل ان الاستثمار فيه يعتبر استثمارا في مستقبل البلاد و عزها و تقدمها .
فمتى إذن ستنال منطقة الشرافات حظها من التنمية الحقيقية ؟ و متى سيتم الالتفات الى انتظارات مواطنيها و الاستجابة لها بعدما دخلت البلاد مرحلة الجهوية الموسعة و المتضامنة ؟

ابو انور السعيد 


شارك الموضوع

إقرأ أيضًا