عدد كبير من الأطفال و القاصرين و الشباب
بالعالم القروي بإقليم شفشاون يظل بدون تغطية اجتماعية تساعده على اكتساب القيم الاجتماعية
السليمة و المواطنة ، و ترشد توجهاته في الاتجاه الذي ييسر اندماجه السوي و الإيجابي
في الحياة العامة التي تتلاءم و حاجيات المجتمع القروي من غير تفكير في الهجرة نحو المدن او الهجرة السرية
الى خارج الوطن ، و تحول دون وقوعه بين براثن الاجرام و الانحراف و تعاطي المخدرات .
و على مستوى بلدة الشرافات بإقليم شفشاون فإن الوضع لا يختلف ، فبالرغم
من أهمية البلدة و رصيدها في مجال التاريخي و العلمي و الروحي ، و مقدراتها الطبيعية
و الايكولوجية التي تؤهلها للتحول الى فضاء
للاستثمار الفلاحي و السياحي ، فإن فئات الصغار و القاصرين و الشباب في مختلف الأعمار
لا يجدون الفضاء الاجتماعي الصالح لتنمية مؤهلاتهم الاجتماعية و التربوية و
المهنية و تأهيلهم للاندماج الإيجابي في محيطهم القروي . بالإضافة الى استثمار هذه
الطاقات والتي تعد رأسمال المستقبل في تحقيق تنمية اجتماعية متوازنة و ذات مردودية .
من هنا فإن الحاجة ماسة الى انشاء
مركب اجتماعي بالبلدة التي لم تعرف منذ فترة مجيء الاستقلال اية مبادرة تنموية
للارتقاء بالمستوى الاجتماعي لساكنتها تعزز المكتسبات الاجتماعية و الثقافية و
التربوية الموروثة عن الماضي اعتبارا لكون البلدة كانت تمثل مركزا على مستوى المنطقة
في مجالات الإشعاع العلمي و الروحي من خلال مسجدها التاريخي الجامع لأزيد من أربعة
عشر قرنا . و لهذا فإن أطفال الشرافات و شبابها ذكورا و إناثا في حاجة الى كل
اشكال الدعم و العناية التي تضمن صقل مواهبهم الفلاحية و المهنية و الرياضية و
الثقافية بدلا من الوضعية الحالية التي تزج بهم في حالة من اليأس و الاقصاء و التهميش
.. و بالتالي تعرضهم الى كل أنواع الانحراف و الآفات الناجمة عن انعدام الحس
المواطن و المسؤولية و انتشار الهشاشة و الجهل و البطالة ، و هذا لن يتحقق الا مع
وجود مركب الاجتماعي يحتضن مشروع اعداد هذه الفئات العمرية و يسهر على تكوينها
طبقا لبرامج مدروسة تتلاءم كما سبقت الإشارة و حاجيات البلدة و المنطقة في مجالات
التنمية المختلفة .
و للإشارة فإن حاجة الشرافات الى مركبها الاجتماعي يجعلنا
نستحضر تجربة العديد من المركبات الاجتماعية و التربوية التي تم احداثا بمراكز
حضرية بل و حتى قروية في أقاليم و جهات مختلفة من البلاد منها على سبيل المثال مشروع
المركب الاجتماعي لمدينة شفشاون الذي فتح أبوابه سنة 2011 ، و تم بناؤه بشراكة
بين مؤسسة التعاون الوطني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مساحة إجمالية من
1800 متر مربع ، كما تطلب إنجازه غلافا ماليا بحوالي 8 ملايين درهم . و اذا كان ذا
المركب بحكم اختصاصاته يعد إحدى المؤسسات الرائدة في مجال التنمية الاجتماعية بالاقليم
غير أن طاقته المحدودة في الاستقبال (أكثر من 250 فتاة منحدرات من الأوساط المعوزة
) و الاستفادة في المجالات المرتبطة بالخياطة و الطبخ والإعلاميات و محاربة الأمية
والحلاقة .لا يمكنها ان تغطي حاجات الإقليم و لا ان تلبي حاجات مختلف الفئات
العمرية من ذكور و اناث خصوصا بالمراكز القروية مثل بلدة الشرافات .
من هنا كان لزاما التفكير الجاد في إمكانية احداث
المركب الاجتماعي لبلدة الشرافات من أجل صيانة مستقبل الأطفال و الشباب بهذه
البلدة ، و الذي يعتبر في اصطلاح المواطنة و بمعايير التنمية البشرية حقا مشروعا
لهم ، فهل آن الأوان لسماع صوت الأجيال الصاعدة ببلدة الشرافات و حقهم في الرعاية
و التنمية الاجتماعية على غرار إخوانهم المستفيدين على الصعيد الوطني ؟