تسارعت مجريات معركة تعويضات البرلمانيين والوزراء، و وصلت المطالب بإلغائها إلى الملك، إذ تجاوز عدد الموقعين على عريضة موجهة إلى الديوان
الملكي 35 ألفا.
توجهت العريضة الشعبية في البدء إلى"ممثلي الشعب" مطالبة
إياهم إما أن يتنازلوا عن معاشاتهم وإما أنهم سيواجهون بمقاطعة الانتخابات التشريعية
المقبلة، وبما أن أصحابها يعلمون أن النواب والمستشارين لا يملكون الشجاعة لقطع الريع
على أنفسهم، فقد حولت الوجهة إلى أعلى سلطة في البلاد.
واستغربت العريضة كيف يشكل المغرب الاستثناء بين دول العالم بأداء
معاشات أعضاء الحكومة والبرلمان، رغم أن ديونه تجاوزت الخطوط الحمراء لتضعه في الرتبة
الأولى عربيا وإفريقيا، إذ فاقت ديون الدولة 554 مليار درهم، "يحدث ذلك في بلد صنف في 2010 الثالث إفريقيا
من حيث تهريب الأموال وفاقت كلفة التهريب في الأربعة عقود الماضية 210 ملايير دولار".
واعتبرت الوثيقة أن التعويضات المذكورة تكشف تناقض الحكومة في نهجها
سياسة التقشف بإنهاء زمن الدعم المادي للمواطن من خلال رفع الدعم عن صندوق المقاصة
وإصلاح صندوق التقاعد بزيادة اشتراك الموظف في الصندوق وإطالة فترة عمله، وخوصصة الصحة
والتعليم، وإعدام الوظيفة العمومية بفصل الطلبة الأطباء والطلبة الأساتذة عن التوظيف.
وفي مقابل ذلك توضح العريضة أن "تسعة وثلاثين وزيرا في الحكومة،
من بينهم وزراء بدون حقائب ووزراء بدون وزارات ووزراء بدون عمل، أغلبهم مرتبط بفضائح
مالية وأخلاقية وفضائح سوء تدبير ومع ذلك مازال بعضهم في منصبهم، وآخرون رغم إقالتهم
يتقاضون تقاعدا سيبقى مدى الحياة، حتى بالنسبة إلى وزير "الكراطة" ووزير "الشكلاطة"
ووزير "الدوش والنموسية".
ويضع الموقعون على الوثيقة النواب والمستشارين في مرمى نيرانهم، مسجلين
أن"395 نائبا و267 عضوا بمجلس المستشارين، يحصلون إضافة إلى رواتبهم السمينة على
امتيازات أبسطها المبيت مجانا في فنادق مصنفة بالعاصمة وهواتف معبأة وتزود مجاني بالبنزين
وبطاقة خاصة للطرق السيارة وثمن مخفض لتذاكر الطائرة وبطاقات القطار، على أساس أنها
مساعدات للتنقل وحضور الجلسات، ومعاشات تصل إلى 15 ألف درهم، يطمعون في توريثها لأولادهم،
موضحين أن مجموع معاشات البرلمانيين والوزراء الأحياء والذين أحيل تقاعدهم إلى عائلاتهم
خلال 30 سنة الماضية تفوق 30 مليار درهم و51 مليونا، وهو ما يكفي لتوظيف آلاف الشباب
العاطل، وتجاوز أزمة صندوق التقاعد بدل البحث عن حلولها من جيوب المواطنين.
وخلصت العريضة إلى أن واقعة "جوج فرنك" وما تلاها خير دليل
على أن هناك فرقا بين"من يطمح إلى مقاعد البرلمان وحقائب الوزارة لخدمة الوطن"،
وبين من يطمع فيها لأجل الراتب والحصانة والتقاعد.
من أين لك هذا؟"
تعتبر العريضة الموجهة إلى الملك، أن الحملة الانتخابية ستكون تحت شعار "من أين لك هذا"، وأنه
سيكون على المرشحين للبرلمان أن يضعوا أمام
الشعب مصادر أموالهم وأن يتنازلوا عن تقاعدهم وامتيازاتهم "ولا ما مصوتينش".
ويرد أصحاب الرسالة على القائلين بأولوية الحرب على الفساد الأكبر،
مثل التلاعب في مأذونيات استغلال الثروات الطبيعية والتهرب الضريبي وتهريب الأموال،
بأن ذلك من مهام البرلمانيين والوزراء أنفسهم، ممثلي الشعب الذين من المفترض فيهم حماية
الشعب ومحاربة الفساد والمفسدين وكشفهم.